ومضة في ظلام - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ومضة في ظلام
بقلم: ناظم نصرالدين صعب - 24\08\2011

قيل: إن البلاغة هي قول الشيء المناسب في الوقت المناسب عن حدث مناسب.
واما الحدث المناسب لتناوله في البحث فهو التردي القائم في الاداب والسلوك والمناقب والتراث والعادات والتقاليد. التي تعتبر ركيزة البناء الادبي والاجتماعي والتي يجب أن تعتبر الاساس المتين الصلب للاستناد عليها واتمام البناء فوقها دون اللجوء لازالتها والاستغناء عنها, واقامة بناء هش ضعيف بدونها لا يستند على قاعدة صلبة تحفظة وتصونه من نوائب الدهر وخبايا الزمن, وعلينا ان نعترف أن التراث والتقاليد الايجابية هما مرتكز التطور في المجتمع, وإلا فكيف يستطيع الانسان ان يرتفع فوق الارض إن لم يستند عليها, ولكي نرقى الى خُلقٍ قويم ونهجٍ سليم فذلك يتحقق بشطرين:
1. شطر الاجتناب: والذي علينا من خلاله أن نبتعد عن كل ما يسيء الى انفسنا والى الاخرين جسدياً او معنويا او ماديا وغير ذلك.
2. شطر الاكتساب: وهو التوجه الى مصادر المعرفة المتنوعة, للاطلاع عليها والاستفاده منها كقراءة الكتب الادبية والمواعظ الدينية ومعاشرة النُخَب الاجتماعية وغيرها, ولعلنا من خلال ما تقدم نستطيع أن نُصلح انفسنا ومجتمعنا, ذلك لانه اذا صَلُح الانسان صلح العالم بأكمله, فلنعمل على زرع الفضائل في نفوسنا ولنتحلى بالخصال الحميدة في نهجنا دون كللٍ او ملل, لان الذهب المختلط بالشوائب كثيراً ما يتردد على النار قبل أن يصفو من الغش ويتهذب, وإن العود الاعوج كثيراً ما يُدخَل الى النار لكي يُقـوَّم قبل أن يتقـوَّم, لأن العلوم الفاضلة والاداب السامية هي الزرع, والنفوس هي المَزارع, والمثابره على اكتساب هذه العلوم هو الماء الذي يروي الزرع لكي ينمو وينضج, فمَن لم تكن مزرعته خصبه وماؤها متدفقاً عذباً لا ينجح بها الزرع, فبمثل هذه القيم القـيِّمه والعلوم السامية تزدان نفوسنا ويَصلح جوهرنا ونحقق انسانيتنا, ولقد قيل:
ليس الجمال بأثوابٍ تزيننا إن الجمالَ جمالُ العلمِ والادب

ولأبنائنا وفلذات اكبادنا من المتعلمين قيل:

والعلم إن لم تكتنفهُ شمائل  
  تُعليه كان مطية الاخفاق
لا تحسبنَّ العلم ينفع وحده  
  ما لم يتـوَّج ربَّـهُ بخلاق

وهكذا نحافظ على بقائنا الادبي والاجتماعي والمنهجي وفي ذلك قيل:

إنما الامم الاخلاق ما بقيت  
  فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا

ضارعين الى الله أن لا نصاب في ديننا وقيمنا واخلاقنا وتراثنا لأن في ذلك خطبٌ جلل

وإذا اصيب القوم في أخلاقهم  
  فـأقـم عليهم مأتماً وعويلا

 والى كافة ابناء مجتمعي اتوجه راجياً منهم المساهمة في هذا المجال كلٌ قدر امكانياته
" فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها " , " وكلكم راعٍ وكلٌ مسؤول عن رعيته "
فلتتشابك ايدينا على العمل الخيِّر لانقاذ ما بوسعنا انقاذه فلقد قال هرمس الهرامسه:
" رحم الله من علم وعمل وعلَّم, وقرأ وفهم وفهَّم, ووصل وأوصل "
ومع اعترافي بالعجز والتقصير اقول إن يداً واحده لا تصفق, واتمنى على الجميع أن يصبح كلٌ منا ومضة تضيء في هذا الظلام الادبي الدامس, وحسبنا الله وهو نعم النصير المعين.